اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 24
المتجلى عليهم بالقهر دائما لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وبعموم تعيناتهم التي ظنوا أنفسهم بسببها انهم موجودات حقيقية وصيرهم فانين معدومين بحيث لا وجود لهم أصلا كما هم عليه حقيقة دائما عند العارف المحقق المتحقق بوحدة الوجود المسقطة لعموم الكثرات قل لهم يا أكمل الرسل بلسان الجمع إِنَّ اللَّهَ المتجلى بالتجلى اللطفى عَلى إبقاء كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وعلى افنائه ايضا بالتجلى القهرى إذ لا يجرى في ملكه الا ما يشاء
ثم نبه سبحانه على كيفية رجوعهم اليه سبحانه وتنبههم على تجلياته فناداهم إشفاقا لهم وامتنانا عليهم ليقبلوا منه ويتوجهوا نحوه فقال يا أَيُّهَا النَّاسُ الذين نسوا حقوق الله بمتابعة آبائهم اعْبُدُوا على وجه التذلل والتضرع وانقادوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ أخرجكم وأظهركم من كتم العدم باشراق تجلياته اللطفية الى فضاء الوجود وَايضا اخرج آباءكم واسلافكم الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وتحذرون من تجلياته القهرية هذا في بدء الوجود
وفي المعاش اعبدوا ربكم الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً مبسوطا لتستقروا عليها وتسترزقوا فيها وَالسَّماءَ بِناءً وسقفا مرفوعا لترتقى الابخرة والادخنة المتصاعدة إليها وتتراكم السحب الماطرة منها فيها بمقتضى الحكمة المتقنة البالغة وَبعد إيجاد هذه الأسباب أَنْزَلَ بمحض فيضه وفضله مِنَ جانب السَّماءِ ماءً منبتا لكم الزروع والأثمار المقومة لا مزجتكم فَأَخْرَجَ بِهِ سبحانه بعد ما انزل أنواعا مِنَ الثَّمَراتِ لتكون رِزْقاً لَكُمْ مقوما لأمزجتكم كي تعيشوا بها وتتمكنوا بسببها الى الطاعة والعبادة والتوجه نحو توحيده وتفريده سبحانه الذي هو غاية ايجادكم والحكمة في وجودكم وخلقكم ومعظم ما يترتب على بدئكم وظهوركم وإذا كان الأمر كذلك فَلا تَجْعَلُوا ايها المنعمون بأنواع النعم لِلَّهِ الواحد الأحد القهار لعموم الأغيار أَنْداداً اشباها وأمثالا في استحقاق العبادة والأقدار على الإيجاد والتكوين والترزيق والإنبات والأحياء وغير ذلك مما يتعلق بالالوهية وَأَنْتُمْ وصلتم الى مرتبة التوحيد الذاتي الذي هو المقصد الأقصى من ايجادكم ووجودكم تَعْلَمُونَ يقينا ان سلسلة الأسباب منتهية اليه سبحانه ولا موجد لها سواه بل لا موجود الا هو وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو والتحقق بهذا المقام والوصول الى هذا المرام لا يتيسر الا بعد التخلق بأخلاق الله والتخلق بأخلاقه سبحانه لا يحصل الا بمتابعة المتخلق الكامل وأكمل المتخلقين نبينا عليه السّلام وتخلقه صلّى الله عليه وسلّم انما يكون بالكتاب الجامع لجميع اخلاق الله المنزل على مرتبته الجامعة لجميع مراتب المظاهر
وَإِنْ كُنْتُمْ ايها المحجوبون بالأديان الباطلة فِي رَيْبٍ شك وارتياب مِمَّا نَزَّلْنا بمقتضى تربيتنا وإرشادنا عَلى عَبْدِنا الذي هو خليفتنا ومرآتنا ومظهر جميع اوصافنا وحامل وحينا من الكتاب المنزل عليه من لدنا المشتمل على جميع أخلاقنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ او جملة قصيرة مِنْ مِثْلِهِ في الاشتمال على الأخلاق الإلهية إذ من خواص هذا الكتاب ان مجموعه مشتمل على عموم الأخلاق الإلهية وكذا كل سورة منه ايضا مشتمل على ما اشتمل عليه المجموع اجمالا وتفصيلا تأمل تفز وَان عجزتم أنتم عن آياتنا ادْعُوا شُهَداءَكُمْ اى حضراءكم وظهراء كم التي أنتم تشهدون بالوهيتهم وترجعون في الخطوب والملمات نحوهم مِنْ دُونِ اللَّهِ المحيط بكم وبهم فأمروهم بإتيانها كذلك إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ انهم آلهة غير الله سبحانه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولم تأتوا بها أنتم ايها الجاهلون المعاندون في حين التحدي والمعارضة وَلَنْ تَفْعَلُوا ايضا ابدا مع تلك التماثيل الباطلة العاطلة بعد ما رجعتم إليهم فلا تكابروا بعد ذلك ولا تنازعوا بل
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 24